الظروف لا يمكن أن تكون أكثر ملائمة. ففي مواجهة هجوم الطاقة من روسيا، تحاول أوروبا التحرك بأسرع ما يمكن نحو الطاقة المتجددة. ويعتبر التصدي لتغير المناخ أولوية سياسية عليا، مما يدعم الحجة للكهرباء الخضراء. ومنتجو توربينات الرياح يجب أن يتمتعوا بازدهار. لكنهم ليس كذلك بالمرة. وخذ على سبيل المثال، شركة «فيستاس» المتخصصة في إنتاج وتثبيت توربينات الرياح، وهي الأكبر في العالم. ففي الربع الثالث، لم تحصل على طلب جديد واحد للتوربينات التي تقام في البحر. واسمحوا لي أن أؤكد: صفر، لا شيء، ولا طلب واحد. وجاءت الطلبات الجديدة للتوربينات التي تقام على البر أقل قوة، لكن تلك التوربينات أقل 50 بالمئة تقريبا عن العام السابق. و«فيستاس» ليست حالة منعزلة. وتقول «وينديوروب»، وهي اتحاد صناعي، إن لا أحد من أعضائها حصل على طلب واحد لتوربينات بحرية في الربع الثالث. واضطررت إلى قراءة بيانات «وينديورب» مرات كثيرة للتأكد مما جاء فيها. فقد قالت إنه في خضم أسوأ أزمة طاقة واجهتها أوروبا على الإطلاق، لا طلب قوي على توربينات الرياح البحرية. وهذا القول لا معنى له على الإطلاق. 
وحتى إذا أضاف المرء التوربينات البرية الأصغر، سيجد أن الطلبات الأوروبية انخفضت 36% في الربع الثالث مقارنة بالعام السابق، مما أدى إلى تفاقم الاتجاه الهبوطي الملحوظ بالفعل منذ أوائل عام 2022. وحتى الآن من العام، طلبت الدول الأوروبية معدات قدرتها الإنتاجية تبلغ أقل من ثمانية جيجاوات من الكهرباء، وأقل بكثير من 39 جيجاوات اللازمة سنويا لتلبية الأهداف الخضراء للمنطقة لعام 2030. وتفسر عدة عوامل سبب انخفاض الطلبات. والسياسة البريطانية هي المكان المناسب للبدء. ففي لندن، يتعرض رئيس الوزراء الحالي، ريشي سوناك، للهجوم من قبل اثنين من أسلافه - بوريس جونسون وليز تراس- بشأن ما هو، في الواقع، حظر على توربينات الرياح البرية الجديدة. ويريد سوناك تمديد الحظر لأنه يعمل على استرضاء الناخبين المعارضين لها في المناطق الريفية في إنجلترا الذين يكرهون التوربينات إلى حد كبير. ويريد جونسون وتراس إنهاء ذلك. 
وجونسون وتراس على حق. فيجب رفع الحظر الفعلي على الفور. وتحتاج عملية التصريح للتوربينات إلى وضع عملية سلسة حتى لا تتمكن المجالس المحلية من عرقلة العمل. والاحتجاج بأن «التوربينات قبيحة» لا معنى له. وسوناك مخطئ للغاية في هذه القضية لدرجة أنه جعل جونسون وتروس يبدوان رئيسين للوزراء مرة أخرى. وهذا يخبرنا بالكثير. ففي جميع أنحاء أوروبا، يؤدي الموقف المعارض نفسه لعدم إقامة التوربينات في مناطق المعارضين لها إلى تأخير المشروعات الأخرى. ووعدت المفوضية الأوروبية بجعل الموافقة أسهل، لكن استمرار كثرة المراجعات يعني أن التحسن غير مرجح حتى عام 2024. وقد فات الأوان. ويجب أن تجد بروكسل طريقة لتسريع العملية وفرض تعديلات. وإذا لم تتعاون الدول، يجب على المفوضية الأوروبية أن تذكرها بالاسم وتفضحها. لكن التصريحات البطيئة ليست الشيء الوحيد الذي تتحمل الحكومات مسؤوليته. فالضرائب غير المتوقعة تقلص الحافز للاستثمار في مشروعات مزارع الرياح الجديدة. والضرائب ليست وحدها المشكلة الكبرى. بل سيكون اليقين التنظيمي هو المشكلة الكبرى. ويخشى المستثمرون المزيد من التغييرات التي يمكن أن تقلص ربحية المشروعات. 
والقضية إذن هي الكلفة. فقد أخبرت «فيستاس» المستثمرين أن متوسط ​​سعر بيع التوربين الواحد ارتفع إلى 1.06 مليون يورو (1.1 مليون دولار) لكل ميجاوات، بزيادة نحو 30% عن العام الماضي. وبلغ متوسط ​​سعر البيع لكل ميجاوات في الساعة للتوربينات البرية رقما قياسيا في عشر سنوات في الربع الأخير. وتضخم الكلفة - وقدرة الصناعة على حماية بعض هوامشها - يفسر الزيادة. وتتطلب التوربينات التي يبلغ ارتفاعها في بعض الحالات مستوى ارتفاع برج إيفل، الكثير من الفولاذ والنحاس والسلع الأخرى التي ارتفع سعرها في الآونة الأخيرة. وبطريقة عكسية، تعاني الصناعة لأن كفاءة تقنيتها دفعت إلى الكثير من الاستثمار الأولي والتوسع. وفي اليوم الجيد تستطيع المملكة المتحدة - على سبيل المثال - إنتاج ما يصل إلى 20 جيجاوات من طاقة الرياح. وتنتج المحطات النووية القديمة نحو جيجاوات واحدة في اليوم الواحد. 
وفي الظروف السيئة، حين تتوقف الرياح عن الهبوب، تنتج المملكة المتحدة أقل من 0.3 جيجاوات. وكان هذا هو الحال في وقت سابق من هذا الأسبوع. وتزداد صعوبة إدارة التباينات التي تحدثها مزارع الرياح. وهناك حاجة إلى محطات تعمل بالغاز كدعم احتياطي، وهذا مكلف. وفي ألمانيا، يعتبر الفحم للأسف هو وقود الدعم. وليس من السهل حل مشكلة عدم الانتظام. ولا يمكن تخزين الطاقة لأن البطاريات ببساطة صغيرة جدا ومكلفة جدا. وفي الوقت الحالي، الخيار الوحيد هو الاحتفاظ بالمحطات التي تعمل بالغاز كاحتياط. وستساعد المحطات النووية أيضا كنسخة احتياطية. ويجب أن تستثمر أوروبا أيضا وتسمح للشبكات التي تنقل كهرباء الرياح بكفاءة اقتصادية أكبر ليس فقط داخل البلدان لكن عبر الحدود. وهذا لا ينتقص من الحاجة إلى توسيع سعة طاقة الرياح من خلال شراء وتركيب المزيد من التوربينات – قبالة الشواطئ وعلى البر. وقد حان الوقت لهذا. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست نيوز سينديكيت»